تحول نجوم السينما إلى العمل التلفزيوني بعد ما تجاهلتهم موجة السينما الشبابية، فنقلوا معهم للشاشة الصغيرة المشاهد الجريئة، وكانت نتيجة هذا التحول أن الدراما التلفزيونية ظهرت أكثر تحرراً وانطلاقاً من ذي قبل، وأصبحت تقبل كثيراً من الأفكار والرؤى التي كانت مرفوضة، وصارت الأعمال التي كانت تقدم على استحياء شديد لأن جمهور التلفزيون هم أفراد الأسرة تأخذ مكانها على الشاشة الصغيرة دون مراعاة للقواعد الرقابية الحازمة الحريصة على عدم خدش حياء المشاهد داخل المنزل.
الأمر الطبيعي أن المشاهد أصبح أكثر تفتحاً ويشاهد كل شيء على الفضائيات |
الفنانة يسرا واحدة من نجمات السينما وقدمت أكثر من مسلسل تلفزيوني يحمل في مشاهده تجاوزات رقابية، وتعلق على ذلك وتقول: "أنا لم أقدم جرأة للمشاهد لكي أخدش حياءه، ولكن الأمر الطبيعي أن المشاهد أصبح أكثر تفتحاً ويشاهد كل شيء على الفضائيات، فهو يرى المذيعات يرتدين الملابس المتحررة الشبه عارية والسواريهات، فهل عندما أقدم شخصية مذيعة على الفضائيات في مسلسل "لقاء على الهواء" أقدمها وهي ترتدي الملابس الطويلة وبالماكياج الكامل.
وأنا بهذا لا اكذب على المشاهد، وهناك أدوار قمت بها كانت ملابسي عادية جداً مثل مسلسل "ملك روحي" لأنها ملابس أم زوجها توفي وتكافح من أجل أولادها، وعموماً أنا أقدم الدور والناس أشادت بأدواري وهذا يكفيني. وتتفق معها في الرأي إلهام شاهين التي ترى في أن تقديم المشاهد الجريئة على الشاشة الصغيرة ليس بجديد أو يستحق أن نطلق عليه ظاهرة، لأننا نشاهد مثلها في معظم الأفلام القديمة والحديثة التي تعرض في التلفزيون.. إذن ما الفرق؟!
وعموماً أنا أتعامل مع الدور حسب الموقف الدرامي وحسب تركيبة الشخصية، وكل الأعمال صارت تعرض الآن على معظم الفضائيات بكل اتجاهاتها، وقلت معها مساحة الرقابة اقل.
وترى سمية الخشاب أنها لم تقدم عرياً من خلال التلفزيون لأن هذا مرفوض عندها، لأن الإغراء ممكن أن يكون دون خلع ملابسي وجرح مشاعر الناس، فأنا أحب الإغراء ولكن دون ابتذال، وفي مسلسل "ريا وسكينة" لم أتعر وقدمت الشخصية بطريقة طبيعية جداً، وكل أدواري بهذا الأسلوب.
ويرى الكاتب أسامة أنور عكاشة ان الرقابة أصبحت أحسن حالاً ـ إلى حد ما - في التعامل مع الدراما التلفزيونية خاصة بعد انتشار الفضائيات والتي تظهر فيها هذه المشاهد الجريئة، لذلك أصبح من غير المعقول أن نمنع ما تبيحه الفضائيات.
بالإضافة إلى أن الإعلان صار سيد الموقف على الشاشة وبعض المعلنين يفضلون هذه المشاهد لجذب انتباه المشاهد كي يكون جاهزاً لاستقبال الإعلان، فكيف نمنع شيئاً تبيحه الفضائيات؟ وهل سنضحك على المشاهد الذي أصبح لديه الدش ويرى جميع الأشياء المحذورة ونحذفها نحن؟ لكن من ناحية أخرى ليس معنى ذلك أن يخرج العمل عن اللياقة.
الإغراء ممكن أن يكون دون خلع ملابسي |
ولكن يكون في حدود الحبكة الدرامية وخدمة الدراما. وتحذر سميرة أحمد من الخروج غير المسموح على الشاشة الصغيرة، وترى أنه ليس هناك تفسير لتقديم هذه المشاهد الممنوعة، والإفراط في تناولها يعتبر جديداً بالنسبة لنا، وتقول انها لا تستطيع تقديم هذه الأعمال أو حتى المشاركة في أعمال تتضمن مثل هذه المشاهد.
وترى أن المسؤولية تقع على الرقابة التلفزيونية التي سمحت بعرضها دون مراعاة للأخلاقيات والقيم والمبادئ ولا تجد مبرراً لها، وليس صحيحاً أن هذه المشاهد ترجع إلى التسويق الخارجي، لأن العمل المتميز تتسابق عليه المحطات الفضائية. وعلى العكس يرى المخرج خالد بهجت أنه ليس عيباً عرض هذه المشاهد طالما تخدم الدراما، لأن من حق الدراما عرض السلبيات بجانب الإيجابيات.
ولكن يجب أن يكون هناك ضمير للمبدع حين يطرحها، ويرى أيضاً أن انتشار الفضائيات جعلت المشاهد يبتعد عن الشيء التقليدي وينجذب لشيء ليس به قيد لحريته ويطرح قضاياه، لذلك أصبح تزمت الرقابة شيئاً غير مفيد في وجود الفضائيات التي تقدم كل شيء دون خوف.
ويرجع الكاتب مجدي صابر ما يحدث إلى أن مخرجي السينما الذين عملوا في التلفزيون طبقوا رؤيتهم على الدراما التلفزيونية، وهو مع حرية الرأي والإبداع في تناول الموضوعات وضد الإسفاف والابتذال، فالتلفزيون عليه أن يراعي الأخلاقيات، ويتمنى أن تتحول هذه الحرية إلى موضوعات بها قضايا كانت من الصعب تناولها في الماضي بسبب الرقابة الشديدة.
وتختتم الناقدة ماجدة خير الله الموضوع بأن معيار الحكم في هذه المشاهد يجب أن يكون من خلال المبرر الدرامي، فمثلاً إلهام شاهين في مسلسل "مسألة مبدأ" كانت مناسبة لأنها أستاذة في القانون، أما في "نجمة الجماهير" فهي نجمة سينما وقدمت الشخصية على حقيقتها.
للتواصل معنا 