تحتفظ الدول بتراثها القديم وعلامات نبوغها وتميزها التي صنعها الأجداد بطول الزمن وعرضه في المتاحف ودور العرض؛ لتكون إرثاً زاخراً تفتخر وتتفاخر به الأجيال الآنية، وتستفيد به وتتعلم منه الأجيال القادمة، فالمتاحف ودور العرض ما هي إلا وثائق تاريخية تصنعها الشعوب عبر حضارات مختلفة؛ شاركت بها وكانت جزءاً منها، أو احتضنتها في مرحلة زمنية معينة تسجل فيها منجزات الإنسانية في كل مظاهر الحياة، وما يتصل بها من دلائل تاريخية وثقافية وجمالية.
تدعو المتاحف والمؤسسات الثقافية، أو حتى أفضل المعارض الفنية المعاصرة، الناس لاستكشاف ثقافات وحقائق جديدة من خلال مجموعاتها ومحتوياتها، وجميعها مختارة بعناية، بالإضافة إلى معارضها المحددة، والتي تجلب دائماً وجهة نظر مختلفة. وإدراكاً من العديد من الدول المتقدمة لأهمية التراث والحفاظ عليه؛ تبارت في إنشاء المتاحف بمختلف أنواعها، وتنافست في الحصول على المقتنيات والآثار بمختلف أشكالها وأنواعها. بالسياق التالي، نساعدك في إلقاء نظرة؛ نطلعك على أهم وأكبر المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية.
1. متحف متروبوليتان للفنون - نيويورك:
تعود بدايات إنشاء متحف متروبوليتان للفنون إلى عام 1866 في باريس بفرنسا، حيث ناقشت مجموعة من الأمريكيين ضرورة إيصال التعليم الفني إلى الجمهور. وقد تم افتتاح المتحف في مبنى وول وورث التاريخي، قبل أن ينتقل إلى موقعه الدائم في عام 1880. ويضم المتحف أكثر من 5000 عمل من الأعمال الفنية، بما في ذلك الفن الإسلامي، الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع.
وقد أصبح المتحف بطراز معماره القوطى آخذاً بالاتساع شيئاً فشيئاً، حتى أصبح واحداً من أكبر متاحف الفن في العالم، وقد وُصف بأنه «دائرة معارف الفن في العالم»، فيمكنك من خلاله أن تشاهد فيه ما يعكس ثقافات شعوب عدة، بدءاً من الفن الآشوري والمصري، ومروراً بفن فلورنسا، وحتى ما يعكس ثقافة غينيا بيساو الجديدة وهضبة التبت الصينية، ويعتبر متحف متروبوليتان للفن أكبر متاحف الولايات المتحدة، وهو الأكبر في مدينة نيويورك، وهو من المتاحف الكبيرة في العالم.
2. متحف برادو الوطني في مدريد - إسبانيا:
صممه المهندس المعماري الشهير خوان دي فيلانويفا، هو المتحف الوطني لإسبانيا، وهو متحف ومعرض للفنون، ويُعد أحد أهم المتاحف على مستوى أوروبا، ويقدم الأعمال عدد لا يحصى من الفنانين الإسبان؛ مثل دييغو فيلاسكيز وفرانسيسكو غويا، وتتجسد عبقرية هؤلاء الفنانين الإسبان في اللوحات الزيتية والمنحوتات العديدة، التي يضمها متحف برادو في قلب العاصمة الإسبانية مدريد.
وتزيد هذه الأعمال على ثلاثة آلاف رسم زيتي لأشهر عمالقة الرسم في العالم، بالإضافة إلى ما يربو على 400 منحوتة، ومجموعة من المجوهرات وقطع نادرة من البورسلين والكريستال والمشغولات الذهبية. ويقدم متحف برادو نماذج عديدة لمدارس الرسم الإسبانية، الإيطالية، الفلمنكية، الفرنسية، الألمانية، الهولندية، الإنجليزية.
3. متحف بيرغامون - برلين:
باعتباره المتحف الأكثر زيارة في ألمانيا، يضم بيرغامون إعادة بناء الهياكل الأثرية؛ مثل مذبح بيرغامون، وبوابة سوق ميليتس، وبوابة عشتار في بابل وواجهة المشتى. خلال القرن التاسع عشر، دفع اكتشاف مدينة طروادة القديمة، على يد عالم الآثار هاينريش شليمان، الباحثين الألمان إلى السفر إلى بابل وأوروك وآشور ومصر؛ لاكتشاف كنوز دنيوية أخرى. أصبحت جزيرة المتاحف مكاناً لحفظ هذه الكنوز القديمة، ثم أصبحت فيما بعد موطناً لمتحف بيرغامون.
4. المركز الوطني للفنون - طوكيو:
لن تعرف أبداً ما هي المنحوتات الرائعة أو التحفة الفنية اليابانية التي ستجدها في هذه المؤسسة الفنية الرائعة حتى تزورها، ويفتخر المركز الوطني للفنون بكونه "متحفاً فارغاً"، حيث يقدم باستمرار معارض ومجموعات جديدة منتشرة في جميع أنحاء هيكله الخرساني والزجاجي الذي صممه كيشو كوروكاوا. تم إنشاء هذا المتحف المدهش في عام 2007، وسرعان ما نمت شعبيته وأصبح أحد أهم المعالم السياحية التي لا بد من مشاهدتها في طوكيو، حيث يزوره ما يقرب من مليوني زائر كل عام.
5. متحف ساو باولو للفنون:
تأسس متحف الفن في ساو باولو (MASP) في عام 1947 على يد رجل الأعمال البرازيلي أسيس شاتوبريان، وكان أول متحف حديث في جميع أنحاء البرازيل. صمم المتحف لينا بو باردي الهيكل الزجاجي الحالي للمتحف في شارع أفينيدا باوليستا في عام 1968. وفيه ينعكس المظهر الأثيري للمبنى في جميع أنحاء قاعات العرض، حيث تبدو الأعمال على الحامل الزجاجي وكأنها تطفو. وتتكون مقتنياته مما يقرب من 11000 عمل فني، وأشياء تم جمعها من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المجموعة الأكثر أهمية للفن الأوروبي في نصف الكرة الجنوبي.
6. المتحف المصري الكبير- الجيزة، مصر:
يترقب العالم هذه الأيام افتتاح المتحف المصري الكبير في الجيزة، أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، والذي سيستكشف حوالي 3000 عام من التاريخ المصري القديم. يقع المتحف على بُعد حوالي 2 كم من أهرامات الجيزة، ويتضمن جداراً زجاجياً يوفر إطلالات على الأهرامات. تبلغ مساحة المتحف المصري الكبير الجديد 500000 متر مربع، وسيعرض 100000 قطعة.
يأتي العديد منها من المتحف المصري في القاهرة، والذي سيظل مفتوحاً بمجرد إطلاق المتحف الجديد، مستفيداً من زيادة المساحة للعروض المختارة. من العروض المحورية بالمتحف مجموعة توت عنخ آمون، كما يتضمن المتحف قاعة عرض مخصصة تبلغ مساحتها 7000 متر مربع، تعرض جميع القطع البالغ عددها 5600 قطعة، التي تم اكتشافها في مقبرته معاً لأول مرة.
7. متحف الفن الغامر جدة بلا حدود - المملكة العربية السعودية:
افتتح متحف الفن الغامر، الذي طال انتظاره، teamLab Borderless، في يونيو 2024، في منطقة جدة التاريخية، ويسهم المتحف، الذي طورته مجموعة teamLab الفنية المشهورة دولياً بالتعاون مع وزارة الثقافة السعودية، في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، وتبلغ مساحة العرض 10000 متر مربع، ويضم المتحف أكثر من 80 عملاً فنياً مستقلاً، يتجاوز الحدود المادية ويتفاعل مع بعضها البعض، مما يخلق بيئة بلا حدود. وتشجع المساحات مثل Borderless World وAthletics Forest وFuture Park وForest of Lamps وEN TEA HOUSE الزوار على "التجول والاستكشاف والاكتشاف".
8. متحف اللوفر أبوظبي - الإمارات العربية المتحدة:
يقع متحف اللوفر أبوظبي في المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، وقد افتُتح في عام 2017، وأحدث سابقة في مناطق الجذب في المنطقة، حيث استقبل مليوني زائر في أول عامين له، وقد أتاح اتفاق عام 2007 بين حكومتي الإمارات وفرنسا إنشاء المتحف، والذي وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "نقطة تحول حاسمة"، حيث يجمع المتحف بعروضه ومعروضاته ما بين رؤية الإمارات العربية المتحدة للتقدم الثقافي والانفتاح مع فرنسا في مجال الفن والمتاحف.
تم تصميم متحف اللوفر أبوظبي من قبل المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل، ويضم 12 معرضاً ومساحات عرض مؤقتة ومتحفاً للأطفال. وتشمل المعروضات أعمالاً فنية مهمة وقروضاً من مؤسسات دولية مرموقة، ومعارض مؤقتة تم تطويرها بالتعاون مع شركائه من المتاحف الفرنسية. ويعرض المتحف أكثر من 600 عمل فني. وتشمل المجموعة أعمالاً ذات أهمية تاريخية، مثل العذراء والطفل لجيوفاني بيليني، و"بدون عنوان I-IX" لساي تومبلي، و"مصارعة الأطفال" لبول غوغان، وفأس يدوية يعود تاريخها إلى حوالي 500000 قبل الميلاد.
9. المتحف العربي للفن الحديث - الدوحة، قطر:
يُعرف المتحف العربي للفن الحديث بأنه المتحف الرائد للفن الحديث والمعاصر في العالم العربي، وقد بدأت مجموعته في الثمانينيات، على يد سعادة الشيخ حسن بن محمد بن علي آل ثاني. وهي تضم الآن أكثر من 9000 عمل من العالم العربي والشرق الأوسط ومناطق جغرافية أوسع في أفريقيا وآسيا وأوروبا، والتي ترتبط تاريخياً بقطر وشبه الجزيرة العربية، وهي أكبر مجموعة متخصصة من نوعها في العالم.