خلال الفترة التي سبقت التوقيع على المعاهدة البريطانية الروسية للعام 1907، عاشت مناطق آسيا الوسطى على وقع صراع نفوذ بين الإمبراطورية الروسية وبريطانيا. وبتلك الفترة، حث رئيس الحكومة البريطانية الهندية بالمستعمرة البريطانية بالهند اللورد كورزون (Lord Curzon) سلطات بلاده على عدم نسيان مسألة التبت حيث تخوف الأخير حينها من إمكانية ممارسة السلطات الروسية لضغوط على الصين، أثناء فترة سلالة تشينغ (Qing)، بهدف الحصول على التبت التي مثلت حينها منطقة قابعة تحت النفوذ الصيني.
الغزو البريطاني للتبت
بقيادة الكولونيل فرانسيس يانغهاسبيند (Francis Younghusband) ورفاقه، شنت بريطانيا ما بين شهري كانون الأول/ديسمبر 1903 وأيلول/سبتمبر 1904 حملة عسكرية على التبت. حسب البريطانيين حينها، كان الهدف من الحملة إنشاء علاقات دبلوماسية بين البلدين وتنظيم مسألة الحدود بين سيكيم (Sikkim)، التي مثلت محمية بريطانية حينها، والتبت. إلى ذلك، بلغت الحملة العسكرية البريطانية عاصمة التبت لاسا (Lhasa) بحلول آب/أغسطس 1904. وعلى إثر ذلك، فر الدالاي لاما (Dalai Lama)، المسؤول الديني بالتبت، نحو منغوليا قبل أن يعود فيما بعد للاستقرار بالصين. وخلال المعارك، لم تبد قوات التبت أية مقاومة هامة حيث عانت الأخيرة من تأخرها التكنولوجي مقارنة بنظيرتها البريطانية التي امتلكت مدافع وبنادق متقدمة. من جهة ثانية، واجه البريطانيون بعض المصاعب أثناء الغزو بسبب التضاريس الوعرة للتبت التي أعاقت تقدمهم.
معاهدة لاسا
وبحلول يوم 7 أيلول/سبتمبر 1904، وقع البريطانيون مع التبت معاهدة لاسا. وبموجبها، سمح للبريطانيين بالتجارة بمناطق ياتونغ (Yatung) وجيانتسي (Gyantse) وغارتوك (Gartok) بينما أجبرت التبت على دفع تعويض هائل بلغت قيمته 7.5 مليون روبية للسلطات البريطانية. لاحقا، تم خفض هذا المبلغ مقابل حصول بريطانيا على وادي تشامبي (Chumbi) لحين استلامها كامل قيمة المبلغ المتفق عليه.
وإضافة لتنظيمها لمسألة الحدود مع سيكيم، منعت معاهدة لاسا التبت من الدخول بعلاقات مع دول أجنبية وهو ما أدى لتعاظم الدور البريطاني بالتبت. ولإرضاء الصين، وافقت بريطانيا على الاعتراف بالنفوذ الصيني وسيادة الأخيرة على التبت. إلى ذلك، أصبحت هيمنة الصين على التبت صورية حيث مثلت بريطانيا الحاكم الفعلي لهذه المنطقة.
من جهة ثانية، منحت معاهدة لاسا عددا من الضمانات للتبت. فبموجبها، تعهدت بريطانيا بعدم التنازل عن أي جزء من أراضي التبت وعدم رهنها أو بيعها لأية قوة أجنبية كما تعهدت بعدم السماح لأية قوى أجنبية بالتدخل بشؤون التبتيين. أيضا، تعهد البريطانيون بعدم منح أي امتيازات بمجالات السكك الحديدية والطرق والتلغراف والتعدين أو أي حقوق أخرى لأي رعايا أو قوى أجنبية تزامنا مع ضمان العائدات المالية المتأتية عن هذه القطاعات لسكان التبت. أثارت هذه المعاهدة قلق السلطات الصينية التي رفضت الاعتراف بها. وعام 1906، وقع البريطانيون والصينيون اتفاقية قبلت بموجبها الصين بدفع مبلغ مالي لبريطانيا مقابل عدم قيام الأخيرة باحتلال التبت التي ظلت تحت النفوذ الصيني.