مع نهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء، شهدت القارة الأوروبية ظهور أنظمة شيوعية حليفة لموسكو بالعديد من الدول المحررة من قبضة دول المحور. وأملا في مواجهة حلف الناتو الذي ضم القوى الغربية بالحرب الباردة، اتجهت هذه الدول الشيوعية سنة 1955 لتشكيل ما عرف بحلف وارسو. إلى ذلك، عرفت العلاقة بين موسكو وهذه الدول الشيوعية حالة من التدهور بداية من الستينيات. وبعدد من المرات، اتجه الاتحاد السوفيتي للتدخل عسكريا وبشكل مباشر بهذه الدول لضمان بقاء الأنظمة الشيوعية. ومطلع الستينيات، تابع العالم عن كثب خلافا اندلع بين كل الاتحاد السوفيتي وألبانيا. ولوهلة، كاد هذا الخلاف أن يتحول لحرب بين الدولتين.
تدهور العلاقة بين السوفيت والألبان
بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت ألبانيا دولة شيوعية ضمن المعسكر الشرقي الذي تزعمه الاتحاد السوفيتي. وتحت قيادة أنور خوجة، أصبحت ألبانيا حليفا استراتيجيا لموسكو التي وجدت منفذا، عن طريق ألبانيا، نحو البحر الأبيض المتوسط. وعلى مدار سنوات، قدم الاتحاد السوفيتي مساعدات مالية وعسكرية هامة لألبانيا كما اتجه في الآن ذاته لإرسال أسطول تكون من 12 غواصة نحو السواحل الألبانية ضمن عملية تهدف لإعادة توزيع القوات السوفيتية بالعالم واحتواء التوسع العسكري الغربي.
وبحلول ستينيات القرن الماضي، ظهرت بوادر الخلاف بين الاتحاد السوفيتي وألبانيا حيث اختلف الطرفان على تفسير الماركسية اللينينية. فضلا عن ذلك، اتهمت ألبانيا الاتحاد السوفيتي بالتخاذل في الرد على الغرب وانتقدت سياسة اجتثاث الستالينية والتقارب مع الغرب ضمن ما عرف بسياسة الانفتاح. وأمام هذا الوضع، أعلن أنور خوجة سنة 1960 عن تحالفه مع الصينيين الذين توترت علاقتهم مع موسكو بشكل لافت للانتباه. وأملا في احتواء الأمر، فرض الاتحاد السوفيتي عقوبات اقتصادية وعسكرية على ألبانيا واتجه لمطالبة عدد من الوجوه السياسية المعارضة بالتمرد والانقلاب على أنور خوجة.
4 غواصات سوفيتية
إلى ذلك، احتوت ألبانيا على قاعدة فلورا (Vlora) البحرية المطلة على البحر الأبيض المتوسط. وقد مثلت هذه القاعدة التي نشأت سنة 1957 شريانا رئيسيا لضمان الوجود السوفيتي بالمتوسط. وبسبب الأزمة السوفيتية الألبانية، طالبت ألبانيا القوات السوفيتية بالرحيل واتجهت بحلول العام 1961 لاستخدام القوة لإجبار الغواصات السوفيتية على مغادرة قاعدة فلورا. يوم 7 نيسان/أبريل 1961، حاصرت القوات الألبانية قاعدة فلورا. وأمام هذا الوضع، اتجه ما تبقى من الأسطول السوفيتي للمغادرة. وفي الأثناء، طاردت القوات الألبانية نظيرتها السوفيتية واتجهت للاستيلاء على 4 غواصات سوفيتية كانت متواجدة بفلورا.
خلال الاشتباكات التي اندلعت بين الطرفين، قتل وأصيب العديد من الجنود السوفيت. فضلا عن ذلك، استولى الألبان على 4 غواصات سوفيتية إضافة لعدد آخر من الزوارق الحربية. خلال الفترة التالية، خطط الاتحاد السوفيتي للقيام بعمل عسكري ضد ألبانيا. وفي الأثناء، جاءت أزمة الصواريخ الكوبية لتعيق هذا التحرك العسكري. من جهة ثانية قطع السوفيت علاقاتهم الدبلوماسية مع الألبان تزامنا مع فقدانهم لمنفذهم على البحر الأبيض المتوسط.