بعد مضي نحو 4 سنوات عن بداية الحرب العالمية الثانية عقب الغزو الألماني للأراضي البولندية، واجهت دول المحور مصاعب كبيرة في الحفاظ على مواقعها التي استولت عليها بالسنوات السابقة. فعلى الساحة الأوروبية، تعرض الجيش الألماني لنكستين خلال العام 1943 عقب خسارته لمعركتي ستالينغراد وكورسك على الجبهة الشرقية وتحوله للدفاع بعد أن اعتمد عقيدة هجومية بالفترة السابقة. من جهة ثانية، تمكن الحلفاء من إنزال قواتهم بجنوب إيطاليا تزامناً مع نجاحهم في القضاء على القوات الألمانية والإيطالية ضمن حملة شمال إفريقيا. وبالمحيط الهادئ، واصل الجيش الياباني تقهقره أمام التقدم الأميركي منذ خسارته لأهم حاملات طائراته خلال معركة ميدواي (Midway).
الوضع قبل مؤتمر طهران
وعلى الرغم من كل هذه النجاحات العسكرية، واجه الحلفاء العديد من المشاكل بمجال التنسيق فيما بينهم. فعلى الساحة الأوروبية، تحدث جوزيف ستالين عن معاناة قواته ووقوفها لوحدها في وجه الجيش الألماني. وبسبب ذلك، طالب القائد السوفيتي حلفاءه البريطانيين والأميركيين بفتح جبهة ثانية لتخفيف العبء على قواته.
من جهة ثانية، كونت كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا منذ العام 1941 لجنة مشتركة للإشراف على العمليات العسكرية ضد الألمان وتقديم المساعدات العسكرية للاتحاد السوفيتي. وبالأشهر التالية، تزايدت حدة التوترات بين الأميركيين والبريطانيين من جهة والسوفييت من جهة ثانية حيث تخوف كلا الطرفين من طموحات الطرف الآخر. أيضاً، أبدى الأميركيون والبريطانيون بأكثر من مناسبة قلقهم حول مستقبل دول أوروبا الشرقية في حال وقوعها تحت سيطرة الجيش الأحمر السوفيتي. وأمام هذا الوضع، اتفق الأميركيون والبريطانيون والسوفييت على عقد مؤتمر للتشاور حول الأمور العالقة وحل الخلافات. إلى ذلك، اتفق الجميع على إجراء هذا المؤتمر بداية من يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1943 بمبنى السفارة السوفيتية بطهران.
نتائج مؤتمر طهران
وعقب نهاية مؤتمر القاهرة الذي جمع بين ممثلي كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والصين ما بين يومي 22 و26 تشرين الثاني/نوفمبر 1943، توجه كل من الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل نحو طهران للقاء جوزيف ستالين الذي كان متخوفاً من مغادرة موسكو والأراضي السوفيتية بهذه الفترة من الحرب. خلال تنقله، قطع فرانكلن روزفلت، الذي عانى من مشاكل صحية، مسافة تزيد عن 11 ألف كلم بين بلاده وطهران مروراً بالقاهرة. ويوم المؤتمر، اضطر الأخير للاعتماد على كرسيه المتحرك وبعض المساعدين للتنقل. وبطهران، التقى الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت لأول مرة بالقائد السوفيتي جوزيف ستالين.
خلال هذا المؤتمر الذي استمر ما بين 28 تشرين الثاني/نوفمبر و1 كانون الأول/ديسمبر 1943، رضخ الأميركيون والبريطانيون لمطالب ستالين بفتح جبهة ثانية ضد الألمان بالأراضي الفرنسية. إضافة لذلك، شهد هذا المؤتمر أولى المناقشات حول إمكانية بعث منظمة عالمية للحفاظ على السلم العالمي وهو ما مهد فيما بعد لظهور الأمم المتحدة. أيضا، تناقش الحاضرون حول مستقبل ألمانيا ما بعد الحرب وأكدوا على ضرورة تقسيمها كما اتفقوا في الآن ذاته على دعم المقاومة في يوغوسلافيا. من جهة ثانية، حث روزفلت نظيره السوفيتي ستالين على دخول الحرب ضد اليابان وطلب منه السماح بنقل نحو ألف قاذفة قنابل أميركية نحو القواعد السوفيتية بأقصى شرق الإتحاد السوفيتي لضرب العمق الياباني. لاحقا، راسل ستالين روزفلت وأكد له أنه سيسمح بتواجد قاذفات قنابل أميركية على أراضيه في حال دخوله الحرب ضد اليابان.