عقب ثورة شباط/فبراير 1917 التي أطاحت بالقيصر نيقولا الثاني، اتجهت روسيا لإنشاء حكومة مؤقتة لإدارة شؤون البلاد. وبادئ الأمر، ترأس الأرستقراطي جيورجي لفوف (Georgy Lvov) هذه الحكومة المؤقتة قبل أن يتم تعويضه فيما بعد، بداية من تموز/يوليو من العام نفسه، بالمحامي والثوري ألكسندر كيرنسكي (Alexander Kerensky). إلى ذلك، لم تدم فترة كيرنسكي طويلا. فبحلول تشرين الثاني/نوفمبر 1917، كانت روسيا على موعد مع الثورة البلشفية التي استولى خلالها البلشفيون بشكل سريع على زمام الأمور بالبلاد.
تسارع الأحداث بالعاصمة بيتروغراد
يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر 1917، صوتت اللجنة المركزية للحزب البلشفي لصالح القيام بتمرد مسلح لضمان الحصول على السلطة بالبلاد. وتزامنا مع ارتفاع عدد منتسبي الحزب من 24 ألفا خلال شهر شباط/فبراير لحدود 200 ألف بحلول أيلول/سبتمبر 1917، عبّر لينين عن اطمئنانه من حتمية السيطرة على عدد من كبرى المدن كبيتروغراد وموسكو. إلى ذلك، شكّل البلاشفة لجنة عسكرية ثورية داخل سوفيت بيتروغراد. وقد تضمنت هذه اللجنة عددا كبيرا من العمال ومنتسبي البحرية الروسية والجنود المسلحين. ومع توجهه لتحييد موسكو، وضع لينين ورفاقه خطة للسيطرة على عدد من المراكز الحيوية والإستراتيجية ببيتروغراد لضمان نجاح تحركهم المسلح.
صباح يوم 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، هاجمت قوات الجيش الموالية لنظام كيرنسكي إحدى دور الطباعة التابعة للبلشفيين ببيتروغراد. وخلال نفس ذلك اليوم، دان البلشفيون الحادثة وتمكنوا من جمع عدد كبير من المسلحين استعادوا بفضلهم مقر دار الطباعة. وعلى إثر ذلك، اندلعت ببيتروغراد يوم 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1917 مواجهات مسلحة بين ميليشيات الحرس الأحمر، المتحالفة مع اللجنة العسكرية الثورية، والقوات الموالية للنظام الروسي من أجل الاستيلاء على الجسور داخل بيتروغراد. وبالتزامن مع ذلك، تمكن البلشفيون من السيطرة على مبنى التلغراف المركزي وهو ما سمح لهم بالهيمنة على كامل الاتصالات داخل بيتروغراد.
وباليوم التالي، تغير الوضع ببيتروغراد حيث حلت بميناء المدينة 5 مدمرات كانت قد أعلنت في وقت سابق تحالفها مع البلشفيين. فضلا عن ذلك، كسب البلشفيون دعم البحرية بكرونشتات (Kronstadt) تزامنا مع تمرد العديد من الكتائب المسلحة بالعاصمة بيتروغراد وانضمامها لهم. وأمام هذا الوضع، غادر كيرنسكي بيتروغراد على عجل أملا في الحصول على دعم القوات المتواجدة خارج العاصمة. وبنفس يوم 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، ألقى لينين كلمة تحدث من خلالها عن نهاية نظام الحكومة المؤقتة بقيادة كيرنسكي وسيطرة اللجنة العسكرية الثورية على زمام الأمور. وفي الأثناء، تم بث هذا البيان بمناطق عديدة من روسيا.
الهجوم على قصر الشتاء ونجاح الثورة البلشفية
بحلول مساء يوم 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، شن البلشفيون هجومهم الأخير على قصر الشتاء ببيتروغراد الذي مثل حينها مقر السلطة. وأثناء محاصرتهم للقصر، فضّل عدد كبير من القوات الروسية المدافعة، المقدر عددها بنحو 3 آلاف عنصر، ترك مواقعهم ومغادرة المكان للالتحاق بثكناتهم لتجنب الالتحام بقوات البلشفيين المقدر عددها بعشرات الآلاف. في حدود الساعة التاسعة وخمس وأربعين دقيقة مساء، أطلقت السفينة أورورا (Aurora) قذيفة تحذيرية من داخل الميناء معلنة بذلك بداية الهجوم على قصر الشتاء. وبالتزامن مع ذلك، باشر عدد من البلشفيين بدخول المكان قبل أن يتوسع الهجوم تزامنا مع تهافت أعداد كبيرة من قوات الحرس الأحمر.
بحلول الساعة الثانية وخمس أربعين دقيقة من ليل يوم 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، كان البلشفيون قد سيطروا على قصر الشتاء بأكمله. وبالتزامن مع ذلك، اعتقل أفراد الحكومة المؤقتة، ما عدى كيرنسكي الذي كان قد فر من العاصمة، ونقلوا نحو قلعة بطرس وبول.