ما بين شهري تشرين الأول/أكتوبر 1912 وأيار/مايو 1913، عاشت منطقة البلقان على وقع حرب البلقان الأولى التي اتحدت خلالها كل من اليونان وصربيا ومونتينيغرو وبلغاريا في مواجهة الدولة العثمانية. إلى ذلك، مثلت هذه الحرب أكبر انتكاسة للدولة العثمانية بالفترة التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الأولى. فخلالها، فقد العثمانيون 83% من أراضيهم التي احتلوها، بالقرون السابقة، بأوروبا إضافة لنحو 69% من سكانها الأوروبيين. ويعود الفضل في انتصار تحالف دول البلقان للبحرية اليونانية، حيث خاضت الأخيرة يوم 16 كانون الأول/ديسمبر 1912 معركة إيلي (Elli)، المعروفة أيضا بمعركة الدردنيل، التي مثلت بداية انهيار الجيش العثماني وعجلت بنهاية الحرب.
تفوق يوناني
منذ بداية حرب البلقان الأولى، أخذت البحرية الملكية اليونانية الأسبقية وبادرت بشن العديد من الهجمات على المواقع العثمانية بأقصى شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي مقابل ذلك، فضلت البحرية العثمانية البقاء بمواقعها بالدردنيل واتجهت غالبا لتجنب المواجهة مع اليونانيين. وبفضل ذلك، سيطر اليونانيون على العديد من الجزر التي كانت سابقا تابعة للعثمانيين كما نجح الأميرال بافلوس كونتوريوتيس (Pavlos Kountouriotis) في النزول بجزيرة ليمنوس (Lemnos). وبحثا عن المواجهة مع البحرية العثمانية، راسل الأميرال بافلوس كونتوريوتيس قيادة البحرية العثمانية ساخرا وحدثهم عن استعداده لتزويدهم بالفحم لتشغيل محركات سفنهم والخروج من الدردنيل لمواجهة السفن اليونانية.
هزيمة عثمانية
يوم 16 كانون الأول/ديسمبر 1912، خرجت سفن البحرية العثمانية من الدردنيل لتصطدم مع الأسطول اليوناني الذي كان بانتظارها. وبتلك الفترة، تكون الأسطول العثماني من 3 بوارج حربية وسفينة مدرعة وطراد إضافة لأربع مدمرات. وفي المقابل، امتلك اليونانيون طرادا و3 سفن مدرعة إضافة لأربع مدمرات. ومن على متن الطراد أفيروف (Averof)، قاد الأميرال بافلوس كونتوريوتيس المعركة ضد العثمانيين بمدخل الدردنيل. وبسبب بطء السرعة لبقية سفنه، قام الأميرال بافلوس كونتوريوتيس بعملية منفردة حيث أبحر على متن أفيروف بسرعة 20 عقدة قبل أن يقترب من السفن العثمانية ويركز نيرانه على السفينة العثمانية خير الدين بربروس.
وأمام حالة الفوضى التي عمت بصفوف قواته، أمر الأميرال العثماني رامز باي أسطوله بالانسحاب والتراجع لداخل الدردنيل لتنتهي بذلك هذه المعركة البحرية لصالح اليونانيين. وخلال هذه المعركة، قتل 18 جنديا عثمانيا وأصيب ما يزيد عن 40 آخرين. فضلا عن ذلك، تعرضت السفينة خير الدين بربروس لأضرار جسيمة.
عقب انسحابه، ترك الأسطول العثماني مناطق بحر إيجة كاملة لليونانيين وهو ما سهّل بالفترة التالية سقوط جزر ليسبوس وخيوس ولمنوس وساموس بقبضة البحرية الملكية اليونانية. من جهة ثانية، حرمت هذه المعركة العثمانيين من إرسال أية تعزيزات برية، عبر البحر، نحو مناطق القتال بالبلقان وهو ما عجّل بحسم حرب البلقان الأولى لصالح دول التحالف.