



لست بحاجة حقاً إلى عذر لارتشاف كوب إضافي منها، ولكن في 1 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، تحتفل بعض الدول بيوم القهوة العالمي. استطاعت القهوة أن تعبر كل الحدود الجغرافية والسياسية والتاريخية والدينية، وجالت في شتى أنحاء العالم، علماً أن سبب انتشارها يعود للعرب، وتحديداً في القرن الخامس عشر، عندما كانوا أول من زرعوها. تغيرت على مدى العقود والقرون وأصبحت تقدم بنكهات وأشكال لا تعد ولا تحصى، لكنها تظل المشروب السحري الأسود المفضل على الكرة الأرضية.
يوم القهوة العالمي
هذا اليوم هو مناسبة للترويج للقهوة كمشروب والاحتفال بها، حيث تقام الأحداث والفعاليات في جميع أنحاء العالم. كان الموعد الأول هو 1 أكتوبر/تشرين الأول 2015، كما اتفقت عليه منظمة البن الدولية آنذاك، وتم إطلاقه في ميلانو. يستخدم هذا اليوم أيضاً للترويج للتجارة العادلة للبن ولزيادة الوعي بمحنة مزارعي البن.

وفي هذا اليوم، تقدم العديد من المقاهي فناجين قهوة مجانية أو بأسعار مخفضة. كما تشترك بعض الشركات في القسائم والصفقات الخاصة مع متابعيها المخلصين عبر الشبكات الاجتماعية. وفي عام 2020، الذي شهد جائحة كورونا، تركّزت جهود الحملة على الجيل المقبل من مزارعي وصانعي القهوة، بعدما تعرضت المطاعم والمقاهي للإغلاق نتيجة سياسات التباعد الاجتماعي والإغلاق التام للدول.
وذكرت المنظمة التي تدير الفعاليات عادةً أن العديد من الشبان العاملين في زراعة البن انتقلوا إلى مواقع ووظائف أخرى لضمان مستقبلهم. علاوة على ذلك، فُقدت مؤخراً العديد من الوظائف التي غالباً ما يشغلها الشباب في قطاع القهوة، كما جاء في بيان للمنظمة.

موطن القهوة
وبالعودة للتاريخ، فإن الموطن الأصلي للقهوة في إثيوبيا، ووفقاً للسجلات التاريخية، اكتُشفت في إفريقيا بقصة مثيرة للاهتمام. في حوالي القرن السابع الميلادي، بدأ قطيع من الماعز يتصرف بشكل غريب، وكثير الحركة. اكتشف راعي القطيع واسمه كالدي، أنه كان يأكل نوعاً من الحبوب الحمراء، وخلص إلى أن هذا هو سبب سلوكه. قرر كالدي مشاركة النتائج التي توصل إليها مع راهب طلب شيئاً يمكن أن يساعده على البقاء مستيقظاً طوال الليل أثناء الصلاة. لكن قصة أخرى تدعي أن الراهب رفض وألقى الحبوب في النار وكانت الرائحة المبهجة التي خرجت منها رائعة.
هجرتها وتجوالها حول العالم
فجأة، شقت القهوة طريقها عبر الشمال إلى اليمن في القرن الخامس عشر، حيث وصلت الحبوب باسم "موكا". بعد فترة وجيزة أصبحت القهوة معروفة في مصر وبلاد فارس وتركيا باسم "النبيذ العربي"، وبدأت المقاهي تفتح باسم "مدارس الحكماء". بعد ذلك، أصبحت شبه الجزيرة العربية حارساً للبن، وزُرعت هذه الحبوب على نطاق واسع في جنوب الهند.

وفي عام 1560، شقت القهوة طريقها عبر أوروبا، وسرعان ما أصبحت مشهورة، حتى قرر البابا كليمنت الثامن أن المشروب شيطاني. ولكن بعد فحص المشروب، أعلن البابا القهوة شراباً مسيحياً. مع مرور القرن السابع عشر وظهور المقاهي في جميع أنحاء أوروبا، اتبعت الحبوب موجة الاستعمار ووجدت نفسها في أمريكا.
أخيراً، وبعد ارتشافها في كل القارات، أعلنت منظمة البن الدولية 1 أكتوبر/تشرين الأول اليوم العالمي للقهوة، مناسبة للاحتفال بها والتوعية بشأن ظروف زراعتها. بعدما كانت القهوة مشروباً مساعداً للحلويات أو البسكويت، الآن يكاد لا يخلو شارع أو ميدان في سائر مدن العالم الكبرى من مقهى يتباهى بجودة حبات البن ورائحتها.

يوم القهوة العالمي هو احتفال بتنوع قطاع القهوة وجودته وشغفه. إنها فرصة لمحبي القهوة لمشاركة حبهم للمشروبات ودعم ملايين المزارعين الذين تعتمد سبل معيشتهم على محاصيل البن في جميع أنحاء العالم. وتم اختيار الأول من أكتوبر سنوياً للاحتفال باليوم العالمي للقهوة، وذلك من قبل منظمة القهوة الدولية في مارس/آذار 2014.
وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 2015 تم الاحتفال للمرة الأولى باليوم العالمي للقهوة، وذلك على هامش معرض إكسبو 2015 في مدينة ميلانو الإيطالية. اللافت أن اختيار هذا اليوم للاحتفال بالقهوة ليس هو الأول من نوعه، حيث سبق واحتفلت جمعية القهوة اليابانية بالقهوة لأول مرة عام 1983، وبعد ذلك تم الاحتفال باليوم العالمي للقهوة عام 2009 في ولاية نيو أورلينز الأمريكية.

وتعود الجذور الأولى لاكتشاف تلك البذرة السحرية، صاحبة تأثير "الكافيين" الذي يعشقه سكان العالم، إلى قبيلة "الأورومو" في إثيوبيا، الذين اكتشفوا الأثر المنشط لنبات حبوب القهوة. حيث لاحظ راعٍ لقطيع من الغنم في إحدى هضاب إثيوبيا أن عنز قطيعه كانت تقفز بنشاط غير معهود وتتسلّق الصخور بسرعة غير مألوفة كلّما أكلت من ثمار شجيرات، فبادر هو إلى تذّوقها وراح يشعر بحيوية زائدة وطاقة قويّة لم يعهدها من قبل، وكان ذلك في مطلع القرن السابع عشر.
تحت شعار دعم الجيل القادم وجهت منظمة القهوة العالمية International Coffe Orgazination دعوتها إلى الشباب بحسب البيان الذي أصدرته على صفحتها الرسمية أن الشباب يواجه في قطاع البن تحدياً غير مسبوق، من صغار المزارعين إلى عمال صناعة القهوة وكل من بينهم.

تحديات
تفاقمت أزمة أسعار البن بسبب جائحة Covid-19، وبالتالي، لا يوجد تهديد خطير لسبل عيش مزارعي البن اليوم فحسب، بل يوجد أيضاً خطر كبير على مستقبل القهوة في المستقبل القريب، مع تزايد عدد الشباب التي تعمل بزراعة البن ينتقلون بعيداً عن مجال القهوة إلى مواقع ووظائف أخرى يرون أنها أكثر تقدماً ومربحة لمستقبلهم. علاوة على ذلك، تأثرت رائدات الأعمال بشكل غير متناسب بهذه التحديات، لاسيما في البلدان المنتجة. ومع ذلك، يظل الشباب في الصناعة المصدر الرئيس للابتكار والأفكار المستدامة والمؤثرة وخلق فرص العمل؛ ولا يزال الاستثمار في الشباب في قطاع البن يعني الاستثمار في المستقبل المستدام لهذه الصناعة.
التطلع إلى المستقبل
سيكون يوم القهوة العالمي 2020 هذا العام بمثابة منصة لإطلاق برنامج يدعم رواد الأعمال الشباب المختارين في قطاع القهوة لتطوير وتوسيع مشاريعهم المبتكرة والقائمة على التأثير. يعتزم البرنامج توفير المزيج الصحيح من الدعم المالي الكافي مع تطوير المهارات والتدريب، لضمان استدامة وتوسيع نطاق المشاريع المبتكرة التي يقودها الشباب في قطاع القهوة.

سيؤدي الاستثمار في الشباب إلى إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لقطاع القهوة والعاملين فيه، مع المساهمة في التأثير بشكل إيجابي على المجتمعات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، سوف يخفف من نقص مشاركة الشباب في زراعة البن، بالإضافة إلى تعزيز وتشجيع مساهمة الشباب في التنمية المستدامة للقطاع.
وأضافت المنظمة في بيانها أن هناك عدداً كبيراً من الطرق للمشاركة في برنامج "Coffee's Next Generation" من التبرعات، إلى الدعم التعليمي، وتبادل المعرفة، والشراكات. وصرحت المنظمة أنه ابتداءً من أكتوبر القادم 2020 ستنشر معلومات أكثر تفصيلاً عن البرامج التطورية وكيف يمكن الاشتراك بها. وودعت إلى التواصل معها ومشاركة الأفكار المستقبلية عن طريق موقعها الرسمي International Coffee Organization.






